الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

الرياضي في العباءة السياسية

يقول شاعرنا العربي الراحل محمود درويش (أن كرة القدم أشرف المعارك).. كما قال عنها الراحل رينوس مايكلز المعروف بإسم "الجنرال" الذي كان يتولى تدريب الفريق الهولندي (أن كرة القدم عبارة عن حرب).. فهل هنالك علاقة بين الرياضة والسياسة؟!!!..
نلاحظ كثيرا تلك التقاطعات ما بين الرياضة والسياسة..فالرياضة تعتبر ممر للكثير من الأغراض السياسية.. وينظر المتفائل لهذه التقاطعات ويقول: (إن ما تفسده السياسة تصلحه الرياضة).. ولكن هل هذه الجملة صحيحة؟..
إن المباريات الرياضية العالمية اليوم هي في الأصل الوريث الشرعي للألعاب التي كانت تقام من قبل قياصرة الروم لإلهاء الشعب عن قضاياه الحقيقية من حقوق.. فقر.. حروب .. بطالة.... فالرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة..
في حين أكد خبراء متخصصون في السياسة وعلم النفس والإجتماع السياسي والنقد الرياضي على علاقة الرياضة والسياسة.. وأتفقوا على أن الأنظمة السياسية في العالم وظفت الرياضة لتدعيم السياسة وترسيخ مكانتها.. فهي أداة من الأدوات التي تستخدمها الحكومات لتحقيق جماهريتها..
كما صنفت المباريات الرياضية العالمية من قبل علماء النفس على أنها(الهستيريا الجماعية المعولمة)..ويقول أحد خبراء السلوك وعلم النفس: (التاريخ  يقول أن الأنظمة العربية إستخدمت الرياضة كثيرا لإلهاء الشعوب عن القضايا الحساسة والتي يتوقع أن تثير جدلاً وتقابل برفض شعبي)..
الرياضة تنادي باللعب النظيف.. في حين أن السياسة تستغل الوقت النظيف.. فنجد هناك رياضي له خط سياسي.. في حين أن هناك سياسي له خط رياضي.. فنجد أن كثير من الرياضيين الآن إرتدوا العباءة السياسية..
فبينما نحن العرب مشغولون بهذه الهستيريا الجماعية المعولمة والتي شغلتنا عن قضايانا الداخلية والخارجية .. ونتحرق للوصول إلى التصفيات النهائية.. كانت ولا تزال إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي لا تهتم بالمشاركة أو الوصول حتى إلى التصفيات الأولية !!!!.... حيث كان الكيان الإسرائيلي يستغل مواعيد المباريات العالمية وانشغال الناس في العالم بهذه المناسبات الدولية والجماهيرية لينفذ مخططاته.. فمثلا في عام 1982 بينما كانت أنظار العالم بما فيه العالم العربي مشدودة نحو إسبانيا خلال مباريات كأس العالم بدأت إسرائيل إجتياحها الثاني للبنان فيما أسمته بــ (عملية الصنوبرة).. فهل هي مصادفة أم خطط سياسية مدروسة ؟!..
هل المقصود منها إلهاء الانسان العربي عن التفكير فى الكفاح الوطنى.. التضحية ..القيم الأخلاقية ..التأمل فى حكمة الكون .. عن البحث العلمى المفيد و الهادف و ترجمة ما لا يريدون.. ولا ينوون ترجمته إلى العربية..هناك إلهاء وإفساد متعمد للشعوب العربية .. ومن ينظر إلى واقع المجتمعات العربية يجد أنها تعاني من طغيان الفن والرياضة على الجوانب الأخرى كالجانب الديني والعلمي والأدبي...
والخلاصة هي أن الرياضة .. لم تعد للّـعب فقط، وإنما أصبحت أداة مهمة يلعب بها السياسيون لكسب وِدِّ الشعب ولتدعيم النظم السياسية..

الهوية الإجتماعية.. والعقل

أزمة هوية الأنا.. مثل "من أنا.. وماذا  أريد.. وما أهدافي في الحياة.. وأين اتجه؟ .."بداية حتى نحدد هويتنا الإجتماعية لابد أن نمر بثلاث مراحل.. المرحلة الأولى هي مرحلة إكتشاف ومعرفة الإنسان لذاته المجردة وسريرته الداخلية  بعيدا عن تجميلها.. و إكتشافه لقدراته وإمكاناته وتحديد نقاط الضعف والقوة لديه.. وتتطلب هذه المرحلة جلسة صادقة مع الذات لإزالة الأقنعة الإجتماعية الزائفة.. والتقليل من تشتيت الهوية.. وقد تكون من مخرجات هذه المرحلة إعادة إبتكار الذات.. تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي مرحلة تثمين وتقييم الحياة المادية  من عمل.. وصناعة الأشياء المفيدة في الحياة.. والأسرة.. والزواج.. وغيرها .. وتحديد موقع الشخص منها حسب مخرجات المرحلة الأولى.. ومن مخرجات هذه المرحلة تكوين رؤية واضحة عن الأدوار في الحياة على كل الأصعدة ومحاولة الربط والتنسيق بينها.. أخيرا نأتي للمرحلة الثالثة وهي دمج مخرجات المرحلة الأولى والثانية أي الدمج بين الذات الحقيقية أو المبتكرة و الأدوار في الحياة وخلطها مع المجتمع لتكوين التوافق الإجتماعي.. وتكون مخرجات هذه المرحلة أشمل وأوضح.. إذا كانت مخرجات هذه المرحلة إيجابية فذلك يعني أننا حصلنا على إنفتاح في الهوية الإجتماعية.. أما لو حصلنا على مخرجات سلبية فذلك يعني إنغلاق الهوية وهنا يتكون لدينا تشتت في الهوية وميل إلى ما نسميه بالعامية (الشخصية الكشكولية).. غالبا ما تحيلنا التساؤلات الكبرى المثارة اليوم حول الهوية الى مسألة الثقافة.. فنحن نرمي الى رؤية الاشياء الثقافية حيثما نظرنا.. ومع ذلك حتى لو إرتبطت الثقافة والهوية الثقافية بمصير واحد فليس من السهل خلط احدهما بالاخر.. اذ يمكن للثقافة ان تعمل بدون وعي للهوية بينما يمكن لاستراتيجيات الهوية ان تعالج الثقافة او تغيرها.. الهوية تنتج عن بناء اجتماعي فانها تكتسب طابع التعقيد الاجتماعي.. إن أحد الأدوار المهمة للهوية الاجتماعية هو "التوصيف" وهو أمر يسمح بالاختيار وبحاجة الفرد إلى استخدام العقل.. وأعتقد أن العقل يأتي قبل الهوية.. فمحاولة الهروب من الذات(الإغتراب) يؤدي إلى فقدان المعايير الذاتية.. و في الحقيقة هي ليست إلا تمظهرا من تمظهرات الذات نفسها..كون محاولة الخروج من الذات وهْمٌ يمكن أن يستلب الإنسان فتصبح كل أفعاله وسلوكاته مبنية عليه.. وأما جوهر قضية قيمة العقل فتتركز على مفهوم استقلالية الكيان الذاتي.. إذ أن تشكل العقل وبناؤه الصحيح يتم داخل الكيان الذاتي حين المعايشة والمكابدة الطبيعية.. وهذا الذي يجعلنا نحكم أن بناء العقل هو المسار "الطبيعي" للحياة الإنسانية.. وقد يكشف المسار المضاد للعقل عملية الاغتراب ذاتها.. والمعيار أنه متى تمت محاولة تقمص الذات لذات أخرى تكون الذات قد انفصمت عن نفسها فاغتربت وأن قيمة العقل بدأت تنهار..